أنه صلى الله عليه وسلم تعلم الشرع من ورقة بن نوفل

الشبهة الثانية: أنه صلى الله عليه وسلم تعلم الشرع من ورقة بن نوفل

  • · الشبهة الثانية: أورد المعترض هذا الحديث الشريف:

روى البخاري ومسلم : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما جاءه جبرائيل بآيات ” اقرأ باسم ربك الذي خلق – إلى قوله – علم بالقلم ” رجع النبي ( صلى الله عليه وسلم  ) إلى بيته ترجف بوادره وقال لخديجة اني خشيت على نفسي فقالت له خديجة : ابشر ، كلا فوالله لا يخزيك الله أبدا وانطلقت به إلى ورقة بن نوفل وكان امرءا تنصر في الجاهلية فاخبره رسول الله  ( صلى الله عليه وسلم ) خبر ما رآه . فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى . . . الحديث (*).

وجه الاعتراض:

إذا فان ورقة النصراني كان أدرى بالوحي وجبرائيل من رسول الله الذي خوطب بالوحي ومن كلام ورقة اطمأن النبي بمصيره . وإلا فانه كان يريد أن يلقي بنفسه من حالق جبل . حسب ما رواه ابن سعد في طبقاته وقال أيضا إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : إن الأبعد يعني نفسه لشاعر أو مجنون لا تحدث بها عني قريش أبدا

إشكالا آخر يورده المعترض:

  • · هذا الكلام الذي اعترض به على أنه رأي أهل السنة يعني أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تعلم الشرع من القسيس ورقة بن نوفل وهذا يجعل النصارى يقولون أن ديننا الإسلام ما هو إلا دين مقتبس من ورقة بن نوفل.

فأجاب فضيلته :

  • · أتساءل أين الخلاف بين الشيعة والسنة هنا ؟؟؟ هل الشيعة يخالفون أهل السنة في أن النبي أمي ويدعون أنه معلم قرأ الكتب ؟؟؟

أم يزعمون أن النبي قبل ورود الوحي كان يحلل ويحرم على هواه ؟؟؟ هل يخالفنا الشيعة هنا؟؟؟

أم أن المقصود أن بعضهم كذب هذه الأحاديث لما جهل تأويلها ؟؟؟ الظاهر هذا والله أعلم فقد كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وجواب العي السؤال، والله الموفق للصواب.


أولا: لا يلزم ما ذكرت ولك في قصة الخضر مع موسى عبرة وليس الخضر بأفضل من موسى.

ثانيا: حتى يعلم النبي أسرار الوحي وماهيته يحتاج أن يتعلمه، وهو لا يتعلمه إلا من كتاب أو معلم فاسمع قوله تعالى: ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) .

ففي هذه الآية دليل على أن نبينا لم يقرأ كتابا قط، ولم يكن يكتب، فهو أمي، فهو لم يطلع على أخبار الأمم السابقة والأنبياء قبله ـ بخلاف ورقة ـ ولا عرف الوحي ولا كيفية مجيئه الأنبياء ـ بخلاف ورقة ـ ولا قرأ عن جبريل ولا غيره ـ بخلاف ورقة ـ فكيف يعرف جبريل والوحي وهو أمي لا يقرأ ؟؟

ثم اقرأ قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) ففي هذه الآية دليل على أن النبي لم يعلمه معلم بهذه الأمور ـ بخلاف ورقة وزيد ـ فإذا لم يكن علمه معلم ولا قرأ في كتاب ولا جبريل أخبره بعد بتفاصيل الأمور فكيف يعرف ؟؟؟

فهذا إذن من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، لأنه الأمي الذي لم يعلمه بشر ومع هذا جاء بكل هذا الهدى والنور، فهذا مدح فيه وليس بقدح ولا منقصة، فعلم النبي وحي لدني لا علاقة له بالكتب وتعليم الرجال، ثم تعلم صلى الله عليه وسلم كل شيء من جبريل عليه السلام، وفي حادثة الغار لم يعتن جبريل عليه السلام بتعليم النبي كل شيء وليس في سورة القلم ما يدل على أن جبريل شرح للنبي كل شيء ووضحه له تدرجا معه، فافهم والله أعلم.

وأجاب الشيخ الأزهري – حفظه الله -:

  • · وليس من قول أهل السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم تعلم من أحد، فهو مردود بلا شك، فمرة يقول الملحدون تعلم من بحيرا ومرة من ورقة بن نوفل، وهذا الكلام كله باطل، فهم لم يروا النبي جاثيا بين يدي بحيرا ولا بين يدي ورقة وإنما مقصودهم التشكيك فقط.
  • · وأين ما يفيد أن النبي لازم ورقة أو بحيرا وتلقى منهم العلم تلقيا بحيث يصلح أن يقال بأنه تلمذ عليهما؟؟
  • · وأما اللقاءات العابرة والمعلومات القليلة التي ذكرها ورقة للنبي فهذه لا تسمى تعليما ولا يمكن أن يقال بأنها تمثل شريعة الإسلام، ولا ترتفع بها الأمية عن النبي الكريم، ولا يحصل له بها أنه عالم كما يعلم أهل الكتاب، لأن مثل هذه الكلمات القليلة قد يستفيدها الناس بمجرد اللقاء العابر .
  • · ولا شك أن العوام من العرب كان عندهم بعض خبر عن المسيح وموسى مما يسمعونه من أهل الكتاب فقد كانوا يخالطونهم ويسمعون منهم أشياء قليلة في وزن ما سمعه النبي من ورقة وأكثر، يسمعونهم في المدينة والشام واليمن .
  • · فهذا عمرو بن العاص لما أرسلته قريش إلى النجاشي ليرد المسلمين قال للنجاشي إن المسلمين يقولون في المسيح قولا لا يرضيك، فعمرو كان يعرف بحكم مخالطته للنصارى واليهود بعض ما يعتقدون، وهذا قد يستفيده الإنسان بقليل المخالطة ويسير المجالسة، فلا يسمى هذا علما وإلا لقلنا بأن جميع العرب في ذلك الوقت تتلمذوا على أهل الكتاب، وليس هذا بالمسلك المعقول .
  • · وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور والشرائع لا يمكن أن يطيقه ورقة ولا غيره.. وفاقد الشيء لا يعطيه.

( وهذا يجعل النصارى يقولون أن ديننا الإسلام ما هو إلا دين مقتبس من ورقة بن نوفل )

  • · لا يمكننا أن ننكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تاجر في الشام واليمن ولقي من اليهود والنصارى كما يلقى سائر الناس وسمع كلام بعضهم وسمع أجراس كنائسهم وعنده خبر عن دينهم وما يفعلون، وهذا بحكم المخالطة، وهذا القدر حاصل لأكثر الناس من العرب في ذلك الوقت، فهل هذا القدر من الأخبار والمعلومات ينتج نبيا من طراز سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم ؟

  • · إن هذا القدر مشترك بينه وبين سائر العرب من الأميين فلماذا وجد الناس عنده من العلم ما لم يجدوه عند قساوسة العرب والعجم ؟؟
  • · ولو كان النبي تعلم كل هذا من ورقة لما عجزت العرب وقريش خاصة عن اكتشاف ذلك ونشره وإعلانه بين الناس .

  • · ولعل اليهود أسعد أيضا بمثل هذه الأوهام إذ لهم أن يقولوا للنصارى بأن المسيح أيضا لم يأت بما جاء به من وحي ولا غيره وإنما هو مخالط لأحبار اليهود متعلم منهم فعلمه مقتبس من علمهم فلا فضل له ولا نبوة ولا شريعة .. ولا شك أن ما جاء به المسيح لم يكن في طاقة أحد من أحبار اليهود آنذاك تماما كالذي جاء به النبي المصطفى فلم يكن في طاقة ورقة ولا غيره.

أضف تعليق

  • الحقوق محفوظة

    Creative Commons License
  • أرشيف الموقع

  • أقسام الموقع